هذا الذي نحيي الذكرى السنوية الاولى لاستشهاده ، كان في سلوكه الحد الفاصل بين الخير والشر ، بين الفضيلة والرذيلة ، بين الامل واليأس ، بين التفاؤل والتشاؤم ، ولد في هذه المدينة الصامدة فتربى في جنباتها ، وترعرع في فيحائها ، وشب على حبها وحب أهلها ، واستشهد لانه قال كلمة الحق ، والتزم بقضايا الوطن والجماهير ، طالته يد الغدر وهو في عنفوان شبابه ، وفي اوج عطائه ، طالته يد الغدر لتطال من خلاله براءة الأطفال ، والفكر المتنور ، والمناقبية المستقيمة ، والعصامية الاصيلة ، والمصداقية السياسية والتسامي الاخلاقي.
فالحياة المجردة من القيم لم تكن تعني له شيئا ، كما الحاضر المنقطع عن تواصله
التاريخي، وكل ما كان يصبو له ، هو أن تنتصر مسيرة الكادحين ، وتكسر شوكة المستبدين،
وتطرد من الارض العربية كل صنوف المحتلين الطامعين ، فأختصرت في شخصيته امال واحلام الملايين، واستقرت في نفسه ثورة التغيير من اجل حقوق الفقراء والمعذبين ، ومن اجل إحتضان الأوطان لابنائها المشردين.
وفي احياء ذكرى استشهاد تحسين نحيي ذكرى كل الشهداء البعثيين ، شهداء لبنان والعروبة وفلسطين ، ذكرى موسى شعيب ، وعدنان سنو ، وعبدالوهاب الكياني ، وصالح رحيل وابو علي حلاوي وحاتم مقلد، وطلال العتري ، وجلال نشومي ومصطفى صفاوي
وابو هيثم ، وعشرات الابطال الذين قدموا الدماء سخية دفاعا عن المبادىء القومية وكل قضايا النضال الوطني.
لأنّ الرصاصة كما كان شهيدنا يردد دائما تصرع جسدا ، لكنها لا تمحو حرفا .
والذي غيبته يد القدر عنا ، ما زال حاضرا بيننا ، حاضرا بأفكاره ومواقفه ، باقدامه
وشجاعته ، حاضرا في حزبه وشعبه وامته ، حضور الحق امام قوس العدالة.
والذين ظنوا ان النيل منه سينال من مسيرة حزبه وامته ، خاب ظنهم ، لان دمه الذي سال في شوارع بيروت ، تحول الى ملحمة للصمود ، فبيروت التي استشهد على أرضها صنعت جماهيرها اروع ملاحم التاريخ ، وطرابلس دفن فيها ، انتصبت
شموخا لمواجهة العدوان....